الى فترة قصيرة ماضية كان الفنانون اللبنانيون في معزل عن تداعيات الاحداث والتطورات والتحولات التي تشهدها ساحات عربية عدة، وكانوا فقط يقرأون عن لوائح الفخر والعار في آن تملأهم السعادة لان احداً لم يحرجهم بطرح اسئلة عن موقفهم من اي وضع يعيشه اي شعب عربي شقيق.
اما اليوم فان تداعيات ما يجري في سورية يلمسها اللبنانيون في نواح عدة ابرزها الاقتصاد وحركة السياحة، والتجاذبات السياسية، وتعدد المنابر الاعلامية التي راحت تحرج الى ان باتت مجبرة على اتخاذ موقف، وبالتالي دخلت في لعبة المد والجزر السائدة، ووصلت اخيراً الى الفنانين، والكثيرون منهم عرفوا انطلاقتهم من سورية، وكبروا واحيوا اضخم حفلاتهم هناك، وعندما يدعون اليوم الى احتفال او مناسبة، اما ان يلبوا سريعاً من دون حساب او هم يعثرون على مبرر ما يجنبهم الاحراج، وقد عرفت دمشق في الفترة الماضية اكثر من لقاء فني اسهم فيه فنانون عديدون امثال ملحم بركات، فارس كرم، ايمن زبيب ومعين شريف ومي حريري وملحم زين وغيرهم.
لكن احدث تطور على هذا الصعيد ما تناقلته اكثر من وسيلة اعلامية عن لسان الفنانة نجوى كرم خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته قبل حفلتها في مهرجان جرش بالاردن، وفيه قالت رداً على سؤال تناول ما يجري في العالم العربي من تطورات وحركات وثورات فردت من دون تخصيص انها تعتبر ان الشعب هو صاحب القرار ومصدر السلطات، واذا بالكلام ينشر على انها مع الشعب السوري، وبالتالي كانت هناك ردود فعل واسعة على الفايسبوك وفي بعض المطبوعات، هاجمت نجوى لانها لطالما غنت في المناسبات الوطنية السورية وبحضور مسؤولين «فلماذا تتنكر لما كانته في السابق».
«الراي» اتصلت بمكتب الفنانة نجوى، مستطلعة الاجواء فجاء الرد بان الفنانة نجوى انما تؤكد ان كلامها في «جرش» لم يحدد اي شعب عربي، بل قالت رداً على سؤال عام انها مع سلطة الشعب والشعب هو صاحب القرار، وهي لا تدري لماذا تم تحوير الكلام وجعله يعني سورية فقط بينما الكلام عن مصر، ليبيا، تونس، المغرب، اليمن والبحرين وكل مكان.
والسؤال هنا، هل مطلوب من الفنان ان يكون له موقف في مثل الاحداث والتطورات التي يعيشها العالم العربي، ام ان عليه النأي عن السياسة لان اي موقف يتخذه سيحسب ضده، او هو سيفسر عبر الناس كل حسب هواه، بدليل اللوائح التي اعلنت في مصر ووضعت بعض كبار النجوم على لائحة التخوين والعار، وتجتهد النقابات الفنية لمحو هذا الاثر من خلال النقيبين الجديدين للممثلين (اشرف عبد الغفور) والموسيقيين (ايمان البحر درويش) على اساس طي صفحة الماضي واعادة الاعتبار الى الفنانين وعودتهم الى كنف الجمهور والاستوديوهات.