فوجىء اليوم قراء جريدة الأخبار وضمن مقال الشاعر الكبير أنسي حاج الأسبوعي بكلامه عن النجمة نجوى كرم.. المفاجأة أن يكتب أديب كبير عن نجوى كرم بهذه الطريقة المؤثرة وهذا يعني أنها تستحق كل ما وصلت إليه من شهرة ونجاح لكن أنسي حاج الذي عاش حياة الكتب والشعر ..وعايش آل الرحباني والسيدة فيروز عاتب بكلام فيه من الشفافية ما يجب أن تفهمه نجوى كرم .. وهو في ذلك يعتبر مرجعاً ثقافياً قبل أن يدخل النقد الفني الذي يدركه جيداً..
ليس مستغرباً أن ينتقد أنسي حاج نجوى كرم أو يشد على يديها وعلى نجاحها وحضورها الأسر ودموعها بعدما أصبحت بفعل الخبرة والسنين تستحق أن تكون ابنة زحلة المدينة الأحب إلى قلب الشعراء ..
ليت نجوى كرم تقرأ جيداً ما كتبه اليوم أنسي حاج في جريدة الأخبار
يقول أنسي حاج:
حول نجوى كرم بكت نجوى كرم لمّا فاجأتها التلفزيونيّة (ام.تي.في) جمانة بو عيد بأن بلديّة زحلة قرّرت تسمية شارع باسمها. قالت: «سألتِني في بداية المقابلة ماذا أخذ منّي الفنّ. اسأليني شو عطاني». اجتازت هذه المطربة طريقها بنجاح ومع هذا يبدو أنّها لم تُزْرَع في المكان المناسب. صوت قويّ جذّاب وشعبيّة في الطليعة، ومع هذا لم تأخذ فرصتها. حسْن يزيده العمر حسْناً وحيويّة تحاذي الإرهاق، وكأنّ كلّ ذلك مخنوقٌ في قميصٍ أضيق من قياسه! تتمتّع نجوى كرم بين فنّانات جيلها وما بعده بميزةٍ نادرة هي «الفائض» عن الوجه. صوتها الساطع كان يمكن، لو قُيّض له مَن يشذّبه ويأسره في ضوابط القمع الخلّاقة، أن يتخفّف من استعراضاته لمصلحة دفءٍ داخلي وتوتّر خَفيّ يخترق الأفئدة أعمق ممّا يفعل «طَرْح الصوت» المباشر. في هذه الزحلاويّة القبضاي حوريّة تذوب نعومة. أغانيها وفيّة لزحلاويّتها ولا تعبّر عن الحوريّة الذائبة نعومة. لا أعرف إذا كان أحد فكّر في استثمار هذه الفنّانة مسرحيّاً، سينمائيّاً. مؤكّد لا وصول إلى ذلك بغير ترويض الشرسة. ولمَ لا؟ أشدّ جموحاً منها أتاح لهم القَدَر مَنْ يتعهّدهم ويصهرهم ويعيد تكوينهم. هذا هو عمل المُخرج، المخرج المسرحي والسينمائي والمخرج التلحيني. الصوت، أيّاً يكن، عجينٌ يتكيّف مع الخبّاز. لا انتقاص من ملحّني أغانيها ولا من شعرائها. وسام الأمير ونزار فرنسيس، على سبيل المثال. نضرب في الرمل ونزايد، لا أكثر. وهكذا نجد، مثلاً لا حصراً، أن الجَرْحة في صوت نجوى كرم عوضَ أن تعتصر القلب كثيراً ما تغور بين أنواء الصراخ. كان من المستحسن إيجاد تناغم بين الجبل والوادي، بين البحّة واللمعة. وبين الجسد والوجه، وبين حلم الوجه وخطاب الحنجرة، وبين شرود النظرة وعصيان المزاج، وبين بحر الشَعر ومسافات الصوت. هذه الفنّانة كيانٌ من الإيقاعات. اسمعها في أغنيتها «ما في نوم بعد اليوم»: توقيعات لاهبة. وتوقيعاتها في غنى عن الطبلة. أوركستراها في غنى عمّا يفرقع. وصوتها يحتاج أن يقيم أيضاً بينه وبين الأذن علاقة خالصة من أجواء تربيع الجرس وقَيْمة الجرن. هناك أشخاص لو أعيد توزيعهم على غرار إعادة توزيع الألحان لتغيّرت أقدار. يجب أن تعطي نجوى كرم نفسها، بعد الهتاف، حقّ النجوى. |