من المعروف أن القلم لا يطرب إلا بالانتقاد، واللسان لا يتغنى إلا بالمآخذ، والأذن لا تسمع إلا من يطبل لها. وأن الباطن لا يتحدث سوى الصراحة، أما العاطفة فتجذبها "الرومانسية". ويبقى العقل هو الذي يقرر في أغلب الأوقات.
في حالة نجوى كرم، يصبح العقل هو المتسيد، فهو الذي يجعل القلم يطرب لثنائها، واللسان يتغنى بإبداعاتها، والأذن لا تسمع سوى أغانيها، والباطن يحار بين الصراحة والمجاملة، والعاطفة يرتفع غليانها لدرجة تختفي معها الرومانسية.
فلا يمكن لفنانة مثل المغنية اللبنانية التي أمضت ربع قرن في مشوارها الفني على مبادئ لم تتغير، وعلى خطى هادئة ومحسوبة، أن تصبح "مزمزة" للنقاد، و"طقطقة" من قبل الجمهور، لأنها لم تترك لهم فرصة لذلك، لوعيها بماذا تريد، وبماذا تفعل غداً؟
على عكس المغنية أحلام، والرومانسية نوال الكويتية، واللطيفة رويدا المحروقي، والمشاكسة شمس، والمهذبة وعد. فأحلام تسير على مقولة "معهم معهم عليهم عليهم"، ونوال على القاعدة التي تقول "ظل راجل ولا ظل حيطة"، ورويدا على قاعدة "تبعد تحلى"، وشمس على "أتغدى فيك قبل ما تتعشى فيه"، ووعد على "من خاف سلم".
لو أن الفنانات الخليجيات يتمتعن بذكاء نجوى كرم، لما استطاعت الأخيرة سحب البساط من تحت أقدامهن، وكسبت احترام الجمهور الخليجي، ولما تكلفت أحلام التحدث باللهجة اللبنانية في برنامج عرب آيدول، ولما اتجهت وعد إلى التجارة، واستقرت بلبنان، ولما كانت شمس "رايحة، جاية" ما بين مصر ودول الخليج، لا تعرف أين تستقر؟
لكن مثلما يقال "الله يعوض بالخير"، فالأمل ليس فيهن وإنما في الأصوات الخليجية المقبلة، مثل أريام وبلقيس فتحي، اللاتي لا يمكن أن يقال لهن سوى "تعلمن من نجوى"، فإذا لم يتعلمن منها فلا نستطيع إلا أن نقول: إن نجوى كرم لا يمكن أن تستنسخ خليجياً.