مع بدء الحراك السِّياسي في العالم العربي منذ حوالي السَّنتين وتتداخل كافَّة الميادين فيما بينها، وخصوصًا الميدانيين الفني والسِّياسي، حيث أثَّرت الأحداث في بعض الدول العربيَّة على مجريات السَّاحة الفنيَّة فيها وفي الدول المجاورة لها، ولعل أبرز ما أسفرت عنه هو إنقسام الفنانين بين قوائم العار والشَّرف بحسب ميولهم السِّياسيَّة، في حين اصطفت فئة منهم متبعةً سياسة الحياد حيال ما يصيب الأنظمة السِّياسيَّة والقائمين عليها وأثر ذلك على الشعوب.
وتأثر الفنانون نتيجة مواقفهم السِّياسيَّة من ناحية خسارتهم أو إكتسابهم لجمهورٍ معيَّن، كما بدأ التَّركيز على نشاطاتهم السَّابقة أو الأنية فيما يتعلق بالشِّق السِّياسي، وأبرزها غنائهم أو إحيائهم حفلات لرؤوساء أُزيحوا من الحكم مع سقوط أنظمتهم، أو يعانون من خطر إزاحتهم.
علمًا أنّْ ارتباط الفن بالسياسة ليس بجديد في العالم العربي، فالكثير من الفنانين العرب ومنذ زمن أم كلثوم، وصباح، ومحمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافط، وغيرهم، يحيون مناسبات وطنيَّة وتتمُّ دعوتهم للغناء أمام الرؤساء وكبار الشَّخصيَّات السِّياسيَّة من دون التَّفكير في بقاء أو رحيل هذا النِّظام ومن دون أنّْ يضعهم ذلك في قفص الإتِّهام، عكس ما يحصل مع فناني اليوم حيث باتوا متَّهمين من قبل شعبٍ بأكمله عانى من ظلم حكامِّه، على الرغم من أنَّ جلَّ ما فعلوه هو تقديم أغنية في مناسبةٍ وطنيَّةٍ وبدعوةٍ رسميَّةٍ.
نجوى كرم تغني لبشار الأسد
وعاد الموضوع للبروز بعد خموده لفترةٍ مع تبرأ الفنانة اللبنانيَّة، نجوى كرم، من غنائها للرَّئيس السوري بشار الأسد، وذلك على هامش مشاركتها في إحتفاليات عيد الإستقلال الجزائري منذ أيَّام، بدعوة من الديوان البلدي للثقافة والفنون، حيث اتَّهمت نجوى جهات معيَّنة بمحاولة خلط الأوراق واستخراج أغنية لها من الأرشيف قدَّمتها للأسد، من أجل إقحام اسمها في الأزمة الراهنة.
حيث أكَّدت كرم أنَّ غنائها لبشار الأسد حدث بعد تولِّيه السلطة بيومٍ واحدٍ من وفاة والده، حيث غنّى له الكثيرون ولم تكن الوحيدة، معتبرةً أنَّها غنَّت لسوريا الوطن وليس الرَّئيس، وأنَّ غنائها له بات جزءًا من الماضي.
علمًا أنَّ إسم كرم أُدرج على اللائحة السوداء بعدما انتشرت أغنية لها مع بداية التظاهرات في سوريا بعنوان "بشار القائد"، حيث اتَّهمها كثيرون بأنَّها تمجِّد الرئيس السوري ونظامه، ما جعلها تتصدَّر قائمة "العار"، ولا تعتبر كرم بين الفنانين اللبنانين الذين غنوا للأسد فهناك على سبيل المثال وائل كفوري، وفارس كرم، وملحم زين، ومعين شريف، وأيمن زبيب...