بعد انتشار أخبار حول مغادرة نجوى كرم «روتانا» وقرارها إنتاج أغنيتيها الأخيرتين «بالروح بالدم» و{لاشحد حبك» بنفسها، انتشرت أخبار أخرى تؤكد أنها لم تخرج من الشركة التي حملت كرم لواء الدفاع عنها إزاء الحروب التي تتعرض لها من الفنانين الذين يغادرونها ومن غيرهم. هل صحيح أن كرم قررت فعلاً مغادرة «روتانا»؟ وهل صحيح أن هذه الأخيرة ضيّقت عليها في الحفلات ما أجبرها على البقاء تحت عباءتها؟المؤكد أن نجوى كرم قيمة فنية بالتالي لم تعد بحاجة إلى «روتانا»، لذا لم يجدر بها الخضوع لعملية التطويق الفنية التي نفذتها الشركة تجاهها والتصريح بأن علاقتها معها على خير ما يرام، لا سيما أن القاصي والداني يعرف بوجود خلافات بينهما. كذلك لم يكن عليها الاستسلام لعملية الابتزاز بعدما ضيّقت «روتانا» الخناق عليها من ناحية الحفلات، علماً أن قسم تعهّد الحفلات فيها هو أحد أفشل الأقسام وأن الحفلات التي ينظّمها يكون أكثر من نصفها عبارة عن دعوات لأهل الصحافة والإعلام أو الأهل والأصدقاء، وأن كرم من الأسماء القليلة إلى جانب نانسي عجرم وفضل شاكر القادرة على جذب جمهور يدفع ثمن تذكرة للتمتّع بسماع أغانيها، خصوصاً في المهرجانات التي تقام في البلدان العربية كافة.
رسالة فنيّة
تكمن أهمية نجوى كرم في أنها لم تغيّر لونها وحملت لواء الأغنية اللبنانية منذ انطلاقتها في الفن لغاية اليوم، وهذا أمر يدعو إلى الفخر كونها فنانة صاحبة مبدأ تحظى باحترام الجميع، وهي ليست مثل صغار النجوم الذين يخشون غضب «روتانا» أو مثل الذين تمردوا عليها فأضاعوا البوصلة واختفوا عن الساحة، على غرار الفنان اللبناني ريان (يتمتع بمواصفات المطرب) الذي تحوّل إلى مجرّد داعية لمكافحة المخدرات.
نجوى كرم هي ملء السمع والبصر وتستطيع الإنتاج لنفسها والنجاح بمفردها من دون دعم أو مساندة من أحد، وهي لا تقلّ عن وليد توفيق وراغب علامة اللذين حققا نجاحاً كبيراً في الفترة الأخيرة بعيداً عن احتكار أي شركة إنتاج، فقدّم توفيق أغنية «لا تعودني عليك» من إنتاج شركة صباح إخوان «لايف ستايل»، البعيدة عن فكرة احتكار النجم، فحققت نجاحاً بسبب دعم توفيق نفسه لها بالإضافة إلى فريق عمله والمعجبين، كذلك هي حال راغب علامة الذي يملك شركة «باك ستايدج» للإنتاج الفني والذي يحقّق ألبومه «سنين رايحة» النجاح تلو الآخر.
«حالة» غنائية
أصبحت نجوى كرم في مكانة لم تعد معها بحاجة إلى الغناء في الفنادق، حتى لو كانت خمس نجوم، أمام جمهور يكون في حالة انجذاب غير عادية إلى المأكولات والمشروبات، إنما يليق بها أن تقف على مسارح: جرش وقرطاج وجبيل إضافة إلى بعلبك، أعرق المسارح اللبنانية على الإطلاق، الذي يفتقدها كما هي تفتقده، فمن غير المعقول ومن غير المقبول أن فنانة من وزن كرم لم تقف بعد على خشبته.
تشكّل كرم «حالة» غنائية بحد ذاتها في تمسّكها بأداء الأغنية اللبنانية، وتتمتع اليوم بموقع تستطيع من خلاله دعم مواهب غنائية جديدة لها التوجّه نفسه، عملاً بمبدئها الذي تؤمن به وهو الحفاظ على الأغنية اللبنانية عبر أصوات جميلة يكون الفن بالنسبة إليها رسالة حقيقية وليس شعارات فارغة تتغنى بها أمام أهل الصحافة والإعلام.
مفاتيح الأغنية اللبنانيّة
تدرك نجوى كرم أكثر من غيرها أنها، عندما وضعت مفاتيح خزنة الأغنية اللبنانية في جعبتها، لم تعطها لأحد وهذا حقها، لأنها إحدى أبرع من أدّين اللون اللبناني من بنات جيلها، وتدرك أيضاً أنه في حال قررت الاعتزال في وقت تختاره هي، فلن نجد على الساحة اللبنانية صوتاً يتمتع بهذه الموهبة، إذ إنها وحدها قادرة على رعاية هذا الصوت ووضعه في القالب الصحيح ليحافظ على إرث الأجداد والآباء.
على غرار وليد توفيق وراغب علامة أصبحت نجوى كرم قادرة على فرض نفسها بالطريقة التي تلائم مكانتها وتحفظ الرسالة التي تؤمن بها، ومن المؤكد أن خروجها من «روتانا» لن يجردها من الألقاب التي أطلقت عليها ومن المكانة الرفيعة التي بلغتها.