إذا كان التبرير الذي قدمته إليسا لإعادة تسجيلها اليوم أغنية "لو فيّي" المعروفة بصوت عايدة شلهوب وكلمات الياس الرحباني وتلحينه في اوائل الثمانينيات من القرن الماضي، صحيحاً... فمعنى ذلك أنّ إليسا بنبغي أن تتوقف فوراً عن أداء أي أغنية قُدمت سابقاً، لأنّ تبريرها سيكون انتصاراً للماضي وتشنيعاً بالحاضر...
فقد نُقل عن إليسا قولها إنّها لم تجد "مستوى مطلوباً في الأغاني اللبنانية اليوم" لذلك اختارت أغنية قديمة نسبياً...
إنّ هذا الكلام الذي تقوله إليسا... وسمعناه قبلها من هذا وذاك، ومن هذه وتلك من المغنين والمغنيات، لهو كلام غير جائز مطلقاً وللأسباب الآتية...
أولاً – إن ملحّن أغنية "لو فيّي" هو الياس الرحباني الذي لا يزال حيّاً يرزق وبكامل قواه العقلية والفنية، ولا يزال يستطيع أن يلحّن مثل "لو فيّي" وأجمل منها إذا أراد... فلماذا نحكم
عليه، من دون أن ندري، بأنه لا يستطيع مجاراة نفسه... حتى؟
ثانياً – إنّ في لبنان عدداً لا بأس به من الملحنين الذين يمكن الاعتماد عليهم في تقديم أغانٍ جديدة، وهم يطرحون نتاجهم الفني الناجح الذي يلاقي الإعجاب والتقدير، ويحظى بالانتشار والذيوع... فلماذا الحكم على هؤلاء بأنهم لا يستطيعون تقديم أغانٍ تعجب إليسا...
ثالثاً – إنّ هنالك عدداً من الملحنين المعاصرين أنشدت إليسا من ألحانهم في ألبومها الأخير، وفي الألبومات السابقة، وقد تمكّنوا من الإضافة إلى صوتها... وهؤلاء لا يجوز أن يتم تجاهلهم أو القفز فوقهم... ومنهم مروان خوري وسليم سلامة وآخرون...
رابعاً – في لبنان عدد أكبر من الملحنين الذين لم تتعاون وإياهم إليسا حتى الآن، وهم من أبرع الملحنين وأكثرهم قدرة على توليد أفكار لحنية جديدة، بل يمكنهم إذا تحرّرت إليسا من "أفكارها" ومواقفها "المسبقة" تجاههم، أن يكتشفوا أماكن أو مناطق أو مِساحات جديدة في صوتها...
خامساً – وهذا هو مربط الخيل... إنّ إليسا... وأغانيها في السنوات الثلاث الأخيرة، قد دخلت في نوع من الروتين الذي يمكن أن يطغى على ما عداه إذا استسلمت إليسا له... والاستسلام قد يأتي من دون انتباه أحياناً. كيف؟ عندما تعتاد إليسا نوعاً ما من الغناء أو تشعر بأن الجمهور يحبّها من خلاله، فتركز عليه لأنه "مطلوب"... وتتناسى أنواعاً أخرى... فتصاب من حيث لا تدري بما كانت مصابة به في بداياتها عندما كانت مقتنعة بأنّ صوتها ذو توجهات غربية، وأنّه لا يصلح "للشرقي" كما ينبغي، ثم بالخبرة تأكدت أنّ صوتها "الشرقي" أكثر جمالاً وحيوية ومعاني من "الغربي" بكثير... وهذا "الشرعي" هو الذي جعلها نجمة كبيرة اليوم...
يجب أن تعمل إليسا على "اكتشاف" ملحنين... بنفسها... وهؤلاء ليسوا في الكهف أو في المجاهل، بل يملأون الشاشات والألبومات بنتاجهم من الألحان المتميزة...
فما الذي يمنع لقاءات فنية من هذا النوع؟ الأنا؟