فرهاد بلباس
حينما نريد أن نتحدث عن نجوى كرم و نكتب سطوراً عنها للصحف فأننا نحتاج لوقت غير قصير، لأنها أليوم نجمة في عنان ألفن و بسبب ألموهبة ألتي تمتلكها فأنها استطاعت أن تتسرَّب إلى قلب كل إنسان استمع إلى صوتها ولو للحظة ... أنها تطل علينا كضيفة بشوشة عن طريق شاشات ألفضائيات تملئ بيوتنا فرح و بهجة.
ليس منّا من لا يعرفها، فإن لم نتعامل معها عن قرب بلا شك أن صوتها اختلطت مع أفئدتنا و أصبحت جزأً من ذكريات ربما لا نقدر أن نستغني عنها.
أنا لا أقصد من هذه ألمقدمة أن أعرِّفها بالقرّاء لأن بداياتها في ألفن و ألبوماتها هي خير وسيلة ألتي جعلتها معروفة لدى ألجميع، و لا يوجد ثمة قارئ لم يبصر خبر نجاحاتها يوماً ما. كما أسلفت أنا لا أوّد أن يكون حديثي بمثابة لسرد أوراق و محطات حياتها ألحافلة بالرّقي، ولكن ما جعلني أن أكتب هذه السطور هو أن لاحظت مواقف جميلة عنها... أنا أعمل كصحفي و منهمك بهذا ألعمل و في طريق عودتي من ألصحيفة كانت ألسماء تمطر زخات و تبلل أرض وطني لكي تخضرّ بعدئذٍ ببساط ألربيع ألباهر و من حيث أنا تحت مظلتي كانت تدور في خلدي "ماذا عليَّ أن أفعل غداً، و عليَّ أن أصوب عدسة كاميرتي لمن لكي تكون ضيفاً للمجلة".
لم يقاطعني هذا ألتفكير حتى لحين وصولي للسوق ألتي كانت تكاد تغمض جفنها و تودِّع ألنهار.
في هذا ألوقت المتأخر و في إحدى ألمحال ألصغيرة للخياطة رأيت رجلاً مسناً مع صبي في الثانية عشر من عمره و هم يعملون... الأمر ألذي دهشني هو أنهم لم يكونوا آبهين بالوقت و مستمعين لأغاني ألفنانة نجوى كرم بكثير من ألدقة و ألعشق. رؤيتي لهذا ألمشهد ألرائع جمع ألكثير من الأسئلة في ذهني لكي أوجهها للمُسِّن و الصبي و لكنني لم أقدر أن أقاطعهم من ألجو ألرائع ألذي كانوا يعيشونها، و لكني لم يعد بوسعي أن أفعل شيئاً سوى أن أشعل سيجارة و أحتفظ السؤال لنفسي " يا ترى ما هي ألدافع لكي يمتزج روح ألرجل و ألصبي بصوت نجوى على هذه ألنحو ألتي لا يصدق؟".
رغم محاولتي لكي لا أكون سبب إزعاج لهم و لكنني لم أقدر أن أمنع نفسي لهذا اقتربت و قدمت لهم ألتحية، "يا عَمّ هل تسمح لي عن مقاطعتي لكم من ألسماع لصوت نجوى، هل تتحدث لي عن هذا ألجو ألجميل ألتي كنتم تعيشونها منصتين لنجوى؟"... أتذكر أنها كانت أغنية من ألبومها لعام 1998 والتي هي بعنوان (مغرومة). فُجِئت عندما عَبَّر بهذا ألشكل (على ألفنان أن يكون قادراً ليتسلسل إلى وجدان ألجميع .. جميع ألطبقات ... جميع ألفئات، أنا أرى إن أغاني نجوى تبقى حية و مهما مرّت عليها ألزمن فأنها تصبح لذيذة أكثر و ذا نشوة أقوى مثل ألشراب. ليس هذا فقط أنما أرى في أغانيها روح وطنية لأن فنها مازالت ترتدي تراث وطنها و أنها تتعامل مع كلمات الأغاني بكثير من ألدقة و ألعقلانية ... أنها حساسة في اختيار القصائد والالحان. أنها تصاحب فرقة موسيقية عظيمة ولولاها لا توجد من هي قادرة على أن يتعامل مثل هذه ألفرقة) أستمر في ألحديث قائلاً (كل الأصوات تموت ضمن صخب ألموسيقى على عكس صوت نجوى فأنها تزداد جمالاً و عذوبة، على نجوى أن تفقه مكانتها المرموقة في عالم ألغناء).
تأثرت كثيراً بحديث ألعمّ، هو من جعلني أن أكتب هذه ألسطور و لكي يصل إحساس هذا الرّجل ألمسّن للفنانة ألرائعة نجوى كرم دونت ما رأيته بأم عيني.