أولاً لا بدّ من توجيه تحية إكبار وتقدير لكل من ساهم في تنفيذ أوبريت "الجيش اللبناني" الذي صدر قبل أيام قليلة لمناسبة عيد الجيش، ومتزامناً مع حملة شرسة يخوضها البعض ضدّه مشككاً بدوره الوطني... لهذا نعتبر أن أي اغنية أو عمل يدعم الجيش في مثل هذه الظروف حتى ولو كان مجرد كلمة، فهو عمل يستحق التقدير. لكن عندما يتم الحديث عن "اوبريت" يشارك فيه كبار نجوم لبنان، فلنا الحق بأن نعد أنفسنا بعمل ضخم ومميز خاص بالجيش يُبهرنا ويؤثر فينا. لكن ومع صدور العمل فوجئنا بأن كلمة "أوبريت" بدت أكبر بكثير من العمل الذي شاهدناه. فالأوبريت اولاً لا يمكن ان يقتصر على خمسة أسماء فقط هي عاصي الحلاني وسمير صفير ونوال الزغبي ووائل كفوري ونانسي عجرم، بل كي يصنّف "اوبريت" يجب ان لا يقلّ عدد المشاركين عن عشرة أو 15، كما أن مسألة إشراك عدد من الوجوه المعروفة في الكليب من مجالي التمثيل والإعلام بدت مركبّة وغير حقيقية في كثير من الأحيان، وكأنها استقطبت أو استُحضرت من مشاهد أخرى تمت منتجتها مع مشاهد الفنانين وبعضهم يضحك ويبتسم دون أن نفهم ما هو السبب! ونسأل أيضاً لماذا لم يتم إشراك أكبر عدد ممكن من المطربين وهم كثر جداً في لبنان، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ماجدة الرومي وكارول سماحة واليسا وملحم زين ومعين شريف ووليد توفيق وغيرهم كثر، كي ننظر إلى الأوبريت فعلاً على أنه أوبريت! كما نسأل أيضاً لماذا لم يتمّ تصوير النجوم المشاركين معاً في صورة واحدة بدلاً من ان يغني كل واحد منهم وحده، كي تُظهّر للبنانيين وللعالم صورة وحدوية وهي الصورة التي نعرفها عن الجيش الجامع والموحّد في وجه المعارضين والمشككين به! أما عن أبرز الصور المفاجئة والصادمة فهي صورة الملحن سمير صفير وهو يغني في الأوبريت مرتدياً زيّ الجيش وشعره مربوط.... عفواً ولكن هل سبق أن رأى أحد عسكرياً بشعر طويل؟
هذا لناحية الصورة، أما لجهة الكلام فرغم أنه جميل ومعبّر للشاعر نزار فرنسيس، لكنه يبدو في بعض الأحيان كلاماً عاماً وليس خاصاً بالجيش باستثناء بعض الجمل والمفردات، بينما كان يفترض أن يكون أكثر تأثيراً واكثر مباشرة ويحكي عن تضحيات الجيش خصوصاً في هذا الوقت، بدلاً من ترداد عبارات تتغزل به دون أن تدبّ فينا الحماسة وتذكّرنا بالعنفوان والكرامة! وأيضاً نسأل ما علاقة فخر الدين مثلاً بالجيش اللبناني وكيف تمت هذه الخلطة على طريقة الـ "بازل" في عمل حُشرت فيه عناصر كثيرة كي يقال إنه ضخم، لكنه وصل إلى حدّ المبالغة أحياناً ما أفقده صدقيته!
على مقلب آخر، اختارت الفنانة نجوى كرم أن تغرّد وحدها وتعيد تسجيل أغنية "اسرج بالليل حصانك" للفنان القدير إيلي شويري الذي قدمها في الثمانينات مع الفنانة داليدا رحمة، بعد أن قيل إنها انسحب من الأوبريت متذرّعة بضيق الوقت كما نشر في بعض وسائل الإعلام. دون شك تبدو هذه الحجّة واهية إذ كيف تجد كرم وقتاً لتسجيل أغنية إيلي شويري ولا تجد وقتاً لتسجيل مقطع في الاوبريت؟ نحن لا ندري ما هي أسبابها خصوصاً ان الشاعر نزار فرنسيس سجّل عليها عتباً لجهة عدم المشاركة، لكن بعد صدور الأوبريت وصدور "اسرج بالليل حصانك" بصوتها الجبلي، نستطيع القول انها خيراً فعلت بالتغريد وحيدة وتقديم هذه الأغنية الرائعة التي تذكّرنا حقيقة بعنفوان الجيش وكرامته وتضحياته الجليلة على مذبح الوطن بكلمات صادقة ومعبّرة ومؤثرة أبكتنا سابقاً وتبكينا اليوم مجدداً، بعيداً عن التزلّف وصفصفة الكلام و"تربيح الجميلة". هي أغنية من الصعب ان تتكرر أو أن يأتي أي أحد بأجمل منها عن الجيش، فكان من الذكاء الشديد لدى نجوى التي لا يمكن لأحد أن يشكك بوطنيتها أن تعيد تسجيلها في هذا الوقت بالذات. صوت نجوى كرم وحده يضجّ كرامة وعنفواناً حتى وهو يغني الحب والرومانسية، فكيف إن غنى عملاً وطنياً من أعمال العظيم إيلي شويري صاحب الأرشيف الزاخر بالأغنيات الوطنية!
نحن لا نقلل من شأن الأوبريت ولا من شأن الجهود المبذولة لإنجازه، لكن صدقاً كنا نتوقع عملاً أكثر ضخامة واكثر تأثيراً بينما سمعنا في المقابل أغنية بصوت كرم أكثر بساطة نعم، لكنها أكثر صدقاً وأبلغ تعبيراً...